في عصر أصبح فيه الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لم تعد العلاقات العاطفية محصورة في اللقاءات التقليدية أو حتى تطبيقات المواعدة الشهيرة. بل بدأت قصص الحب تنبت من تربة غير متوقعة، وسط الميمات والمجتمعات الافتراضية، وعلى منصات لم تُصمم أصلًا للغرام. فهل فقدت تطبيقات المواعدة مصداقيتها؟ وهل أصبح الحب الرقمي أكثر صدقًا خارجها؟ لنكتشف ذلك من خلال الأجزاء التالية:
![]() |
هل فقدت تطبيقات المواعدة مصداقيتها؟ كيف غيّر الإنترنت شكل الحب في 2025 |
الزفاف على باب الثلاجة: من Tinder إلى الذكرى السنوية على Instagram
لم يعد التعارف عبر الإنترنت أمرًا مستغربًا أو مثيرًا للجدل. أصبحت هذه اللقاءات الرقمية جزءًا من حياة الناس اليومية، والدليل حاضر على أبواب الثلاجات، حيث تُعلّق دعوات الزفاف لأصدقاء التقوا على Tinder. وعلى منصات مثل Instagram، حيث تنشر صديقاتك صورًا من ذكريات علاقة بدأت على تطبيق Hinge.
لكن ماذا لو لم تكن قصة الحب قد بدأت عبر تطبيقات المواعدة التقليدية؟ ماذا لو جاء الحب من منشور ميم ساخر على فيسبوك؟
من مجموعة ميمات إلى علاقة عمر: قصة زيك روثفيلز
زيك روثفيلز لم تلتقِ بزوجها عبر تمرير الصور على تطبيقات المواعدة، بل من خلال مجموعة ميمات ساخرة على فيسبوك. وعلى الرغم من المسافة بين كندا والولايات المتحدة، تطورت العلاقة من تبادل الدعابات إلى حياة مشتركة وأطفال.
تقول: "هل أعترف بأن هذا جنوني؟ نعم. لكنه كان حقيقيًا."
وبعد ست سنوات من اللقاء الأول، تتذكر زيك لقاءها بزوجها وكأن الزمن توقف عند منشور بسيط عن مغني فولك.
لماذا سئم الناس من تطبيقات المواعدة؟
تواجه تطبيقات المواعدة التقليدية انتقادات متزايدة، حيث يشعر المستخدمون بالإرهاق والملل من تكرار التمرير، والإحباط من خوارزميات تركّز على المظهر الخارجي أكثر من التوافق الحقيقي.
وقد أدى هذا التراجع في الرضا إلى خسائر اقتصادية فادحة:
- Bumble خسرت 90% من قيمتها السوقية
- Match Group (المالكة لـTinder وHinge وOkCupid) فقدت 68%
- القيمة السوقية المفقودة منذ 2021: أكثر من 40 مليار دولار
الجيل الجديد يبحث عن تجارب عاطفية أكثر أصالة وصدقًا.
البدائل الاجتماعية: الحب في أماكن غير متوقعة
ومع هروب العزاب من التطبيقات، بدأوا يلتقون في أماكن لم تكن يومًا مخصصة للمواعدة:
- في قسم "اسأل" على تمبلر
- في الرسائل الخاصة على Reddit
- على منصات ناشئة مثل Bluesky
- وحتى في مجموعات فيسبوك الساخرة
هنا، تنشأ العلاقات بدون ضغوط رومانسية مسبقة، وبدون اعتماد كامل على الشكل أو الصور، بل من خلال التفاعل الحقيقي والمشترك.
أرقام تكشف واقع المواعدة الرقمية
وفقًا لدراسة من جامعة ستانفورد:
- بحلول 2019، التقى 40% من الأزواج من جنسين مختلفين عبر الإنترنت
- يستخدم 30% من البالغين الأمريكيين تطبيقات المواعدة
- النسبة ترتفع إلى 52% بين غير المتزوجين
لكن الجانب المظلم واضح أيضًا:
- 70% واجهوا كذبًا في الملفات الشخصية
- 66% من النساء بين 18 و49 عامًا تعرضن للتحرش
- 56% تلقين صورًا غير لائقة لم يطلبنها
موجة جديدة: الكشف عن التجارب السلبية في العلن
ظهرت مجموعات فيسبوك مثل "هل نواعد نفس الشخص؟" كمكان للتحقق من سلوك الشركاء، ومؤخرًا، صعد تطبيق Tea المشابه لهذه الفكرة مع أكثر من 1.6 مليون مستخدم.
ورغم أنه يُمكّن النساء من مشاركة تحذيراتهن، إلا أنه واجه أيضًا هجمات شرسة من المعارضين واختراقات أمنية خطيرة تم خلالها تسريب بيانات المستخدمين إلى منتديات مثل 4chan.
الهروب من التطبيقات... إلى الجري والمجتمعات والمنتديات
مع فقدان الثقة في التطبيقات، بدأ الناس في:
- حضور فعاليات مواعدة سريعة
- استخدام الإعلانات الشخصية
- الانضمام إلى نوادي الجري التي أصبحت وسيلة غريبة ولكن فعالة للقاء الآخرين
- الانخراط في منتديات مثل Reddit وTumblr وغيرها
وهناك، تُبنى العلاقات على أسس مشتركة، واهتمامات حقيقية، بدون خوف من التقييم اللحظي أو الرفض الفوري.
علاقة من عالم الأساطير: عندما يتحول الخيال إلى زواج
"رودي" التقى بزوجته في منتدى على Reddit عبر شخصيات خيالية من كائنات أسطورية. بدأت العلاقة كنوع من الكتابة الإبداعية، ثم تحولت إلى تواصل عميق، وكشف عن الحياة الواقعية، ثم لقاء حقيقي، فانتقال الزوجة إلى الولايات المتحدة.
يقول رودي:
"على Reddit، يمكنك أن تكون نفسك دون خوف. لم نكن نبحث عن الحب، لكننا وجدناه."
هل ينتهي عهد تطبيقات المواعدة؟
ربما لا ينتهي، لكنه يتغير. الناس لم يتوقفوا عن البحث عن الحب، بل غيروا المكان والطريقة.
الواقع يقول:
- العلاقات التي تبدأ من اهتمام مشترك أو حس فكاهي أو قضية اجتماعية تكون غالبًا أقوى
- اللقاءات الرقمية غير المخططة صارت أكثر جاذبية من التطبيقات المخصصة
- الإنترنت لم يعد مجرد وسيط، بل أصبح البيئة الكاملة التي تنمو فيها علاقات حقيقية
الخلاصة: الحب لا يزال على الإنترنت... فقط غيّر عنوانه
في 2025، لم يعد الناس يثقون بخوارزميات Tinder، لكنهم لم يتخلوا عن الإنترنت كوسيلة للقاء الحب. فقط، انتقلوا إلى حيث يشعرون بأنهم أنفسهم.
في النهاية، الحب لا يتطلب تطبيقًا، بل يحتاج فقط إلى بيئة تسمح لك بأن تكون حقيقيًا.